كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وحكى الشيخ محيي الدين قدس سره عن إدريس عليه السلام وقد اجتمع معه اجتماعًا روحانيًا وسأله عن العالم أنه قال: نحن معاشر الأنبياء نعلم أن العالم حادث ولا نعلم متى حدث.
والفلاسفة على المشهور يزعمون أن من العالم ما هو قديم بالشخص وما هو قديم بالنوع مع قولهم بالحدوث الذاتي ولا يدثر عندهم.
وذهب الملأ صدر الشيرازي أنهم لا يقولون إلا بقدم العقول المجردة دون عالم الأجسام مطلقًا بل هم قائلون بحدوثها ودثورها وأطال الكلام على ذلك في الأسفار وأتى بنصوص أجلتهم كأرسطو وغيره.
وحكى البعض عنهم أنه خلق هذا العالم الذي نحن فيه وهو عالم الكون والفساد والطالع السنبلة ويدثر عند مضي ثمانية وسبعين ألف سنة وذلك عند مضي مدة سلطان كل من البروج الاثني عشر ووصو ل الأمر إلى برج الميزان وزعموا أن مدة سلطان الحمل اثنا عشر ألف سنة ومدة سلطان الثور أقل بألف وهكذا إلى الحوت.
ونقل البكري عن هرمس أنه زعم أنه لم يكن في سلطان الحمل والثور والجوزاء على الأرض حيوان فلما كان سلطان الأسد تكونت دواب الماء وهو أم الأرض فلما كان سلطان الأسد تكونت الدواب ذوات الأربع فلما كان سلطان السنبلة تو لد الإنسانان الأولأن ادمانوس وحوانوس. وزعم بعضهم أن مدة العالم مقدار قطع الكواكب الثابتة لدرج الفلك التي هي ثلثمائة وستون درجة وقطعها لكل درجة على قول كثير منهم في مائة سنة فتكون مدته ستًا وثلاثين ألف سنة وكل ذلك خبط لا دليل عليه.
ومن أعجب ما رأيت ما زعمه بعض الإسلاميين من أن الساعة تقوم بعد ألف وأربعمائة وسبع سنين أخذًا من قوله تعالى: {فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ الساعة أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً} وقوله سبحانه: {لاَ تَآتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً} [الأعراف: 187] بناءً على أن عدة حروف {بَغْتَةً} بالجمل الكبير ألف وأربعمائة وسبع ويوشك أن يقول قائل: هي ألف وثمانمائة واثنان وبحسب تاء التأنيث أربعمائة لا خمسة فإنه رأى بعض أهل الحساب كما في فتاوى خير الدين الرملي ويجىء آخر ويقول: هي أكثر من ذلك أيضًا ويعتبر بسط الحروف على نحو ما قالوا في اسم محمد صلى الله عليه وسلم إنه متضمن عدة المرسلين عليه السلام. وأنت تعلم أن مثل ذلك مما لا ينبغي لعاقل أن يعو ل عليه أو يلتفت إليه. والحزم الجزم بأنه لا يعلم ذلك إلا اللطيف الخبير.
{فاعلم أَنَّهُ لاَ إله إِلا الله}.
مسبب عن مجموع القصة من مفتتح السورة لا عن قوله تعالى: {هَلْ يَنظُرُونَ} [محمد: 18] كأنه قيل: إذا علمت أن الأمر كما ذكر من سعادة هؤلاء وشقاوة هؤلاء فأثبت على ما أنت عليه من العلم بالوحدانية فهو من موجبات السعادة. وفسر الأمر بالعلم بالثبات عليه لأن علمه صلى الله عليه وسلم بالتوحيد لا يجوز أن يترتب على ما ذكره سبحانه من الأحوال فإنه عليه الصلاة والسلام موحد عن علم حال ما يوحى إليه ولأن المعنى فتمسك بما أنت فيه من موجبات السعادة لا باطلب السعادة. وقال بعض الأفاضل: إن الثبات أيضًا حاصل له عليه الصلاة والسلام فأمره بذلك صلى الله عليه وسلم تذكير له بما أنعم الله تعالى عليه توطئة لما بعده. وتعقب بأن المراد بالثبات الاستمرار وهو بالنظر إلى الأزمنة الآتية وذلك وإن كان مما لابد من حصو له له عليه الصلاة والسلام لمكان العصمة لكن المعصوم يؤمر وينهى فيأتي بالمأمور ويترك المنهي ولا بد للعصمة والأمر في قوله تعالى: {واستغفر لِذَنبِكَ وللْمُؤْمِنِينَ والمؤمنات} قيل على معنى الثبات أيضًا. وجعل الاستغفار كناية عما يلزمه من التواضع وهضم النفس والاعتراف بالتقصير لأنه صلى الله عليه وسلم معصوم أو مغفور لا مصر ذاهل عن الاستغفار. وقيل: التحقيق أنه توطئة لما بعده من الاستغفار للمؤمنين والمؤمنات؛ ولعل الأولى إبقاؤه على الحقيقة من دون جعله توطئة. والنبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر الاستغفار.
أخرج أحمد ومسلم وأبوداود والنسائي وابن حبان عن الأغر المزني رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله كل يوم مائة مرة».
وأخرج النسائي. وابن ماجه. وغيرهما عن أبي موسى قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أصبحت غداة قط لا استغفرت الله فيها مائة مرة».
وأخرج أبوداود. والترمذي وصححه. والنسائي. وابن ماجه. وجماعة عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: «إنا كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس يقول: رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم مائة مرة» وفي لفظ «التواب الغفور» إلى غير ذلك من الأخبار الصحيحة.
والذنب بالنسبة إليه عليه الصلاة والسلام ترك ما هو الأولى بمنصبه الجليل ورب شيء حسنة من شخص سيئة من آخر كما قيل: حسنات الأبرار سيئات المقربين؛ وقد ذكروا أن لنبينا صلى الله عليه وسلم في كل لحظة عروجًا إلى مقام أعلى مما كان فيه فيكون ما عرج منه في نظره الشريف ذنبًا بالنسبة إلى ما عرج إليه فيستغفر منه. وحملوا على ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: «إنه ليغان على قلبي» الحديث وفيه أقوال أخر. وقوله تعالى: {وللْمُؤْمِنِينَ} على حذف مضاف بقرينة ما قبل أي ولذنوب المؤمنين. وأعيد الجار لأن ذنوبهم جنس آخر غير ذنبه عليه الصلاة والسلام فإنها معاص كبائر وصغائر وذنبه صلى الله عليه وسلم ترك الأولى بالنسبة إلى منصبه الجليل. ولا يبعد أن يكون بالنسبة إليهم من أجل حسناتهم. قيل: وفي حذف المضاف وتعليق الاستغفار بذواتهم إشعار بفرط احتياجهم إليه فكأن ذواتهم عين الذنوب وكذا فيه إشعار بكثرتها. وجوز بعضهم كون الاستغفار للمؤمنين بمعنى طلب المغفرة لهم وطلب سببها كأمرهم بالتقوى. وفيه الجمع بين الحقيقة والمجاز مع أن في صحته كلامًا. فالظاهر إبقاء اللفظ على حقيقته.
وفي تقديم الأمر بالتوحيد إيذان بمزيد شرف التوحيد فإنه أساس الطاعات ونبراس العبادات. وفي الكلمة الطيبة أبحاث شريفة ولطائف منيفة لا بأس بذكر بعضها وإن تقدم شيء من ذلك فنقول.
المشهور أن إلا للاستثناء والاسم الجليل بدل من محل اسم لا النافية للجنس وخبر {لا} محذوف. واستشكل الإبدال من جهتين أولاهما أنه بدل بعض وليس معه ضمير يعود على المبدل منه وهو شرط فيه؛ وأجيب بمنع كونه شرطًا مطلقًا بل هو شرط حيث لا تفهم البعضية بقرينة وههنا قد فهمت بقرينة الاستثناء.
ثانيتهما: أن بين المبدل منه والبدل مخالفة فإن الأول منفي والثاني موجب.
وأجاب السيرافي بأنه بدل عن الأول في عمل العامل والتخالف نفيًا وإيجابًا لا يمنع البدلية لأن مذهب البدل أن يجعل الأول كأنه لم يذكر والثاني في موضعه وقد تتخالف الصفة والموصوف في ذلك نحومررت برجل لا كريم ولا لبيب على أنه لوقيل: إن البدل في الاستثناء قسم على حياله مغاير لغيره من الإبدال لكان له وجه.
واستشكل أمر الخبر بأنه إن قدر ممكن يلزم عدم إثبات الوجود بالفعل للواحد الحقيقي تعالى شأنه أو موجود يلزم عدم تنزيهه تعالى عن إمكان الشركة وتقدير خاص مناسب لا قرينة عليه قيل: ولصعوبة هذا الإشكال ذهب صاحب الكشاف وأتباعه إلى أن الكلمة لا غير محتاجة إلى خبر وجعل {إِلاَّ الله} مبتدأ و{لا إله} خبره والأصل الله إله أي معبود بحق لكن لما أريد قصر الصفة على الموصوف قدم الخبر وقرن المبتدأ بإلا إذ المقصور عليه هو الذي يلي إلا والمقصور هو الواقع في سياق النفي والمبتدأ إذا اقترن بإلا وجب تقديم خبره.
وتعقب بأنه مع ما فيه من التمحل يلزم منه بناء الخبر مع لا وهي لا يبنى معها إلا المبتدأ. وأيضًا لوكان الأمر كذلك لم يكن لنصب الاسم الواقع بعدها وجه وقد جوزه جماعة.
وقال بعض الأفاضل: إن لا إله إلا الله على هذا المذهب قضية معدو لة الطرفين بمنزلة غير الحي لا عالم بمعنى الحي عالم ولا يدفع الاعتراض كما لا يخفى. وقال بعضهم: إن الخبر هو {إِلاَّ الله} أعني إلا مع الاسم الجليل وأو رد عليه أن الجنس مغاير لكل من أفراده فكيف يصدق حينئذٍ سلب مغايرة فرد عنه اللهم إلا أن يقال: إن ذلك بناءً على تضمين معنى من وإن المفهو م منه أنه انتفى من هذا الجنس غير هذا الفرد. والوجه كما قيل أن يقال: إن المغايرة المنفية هي المغايرة في الوجود لا المغايرة في المفهو م حتى لا يصدق. ولا شك أن المراد من الجنس المنفي بلا هذه هو المفهو م من غير اعتبار حصو له في الأفراد كلها أوبعضها فيكون محمولا لا بمعنى اعتبار عدم حصو له فيها أصلًا حتى لا يصح حمله إذ لا يلزم من عدم اعتبار شيء اعتبار عدمه ومتى تحقق الحمل تحقق عدم المغايرة في الوجود فتدبره.
وقال بعضهم: لا خبر للا هذه أصلًا على ما قاله بنوتميم فيها. وأو رد عليه أنه يلزم حينئذٍ انتفاء الحكم والعقد وهو باطل قطعًا ضرورة اقتضاء التوحيد ذلك ولا يبعد أن يقال: إن القول بعدم احتياج لا إلى الخبر لا يخرج المركب منها ومن اسمها عن العقد وذلك لأن معنى المركب نحولا رجل على هذا التقدير انتفى هذا الجنس فإذا قلنا: لا رجل إلا حاتم كان معناه انتفى هذا الجنس في غير هذا الفرد ويخدشه أن تركب الكلام من الحرف والاسم مما ليس إليه سبيل. وربما يدفع بما قيل في النداء مثل يا زيد من أنه قائم مقام ادعوه. والشريف العلامة قدس سره صرح في بيان ما نقل عن بني تميم من عدم إثبات خبر لا هذه بأنه يحتمل أن يكون بناءً على أن المفهو م من التركيب كما ذكر آنفًا انتفاء هذا الجنس ثم إن كلمة إلا على هذا التقدير بمعنى غير ولا مجال لكونها للاستثناء لا لما يتوهم من التناقض بناءً على أن سلب الجنس عن كل فرد فرد ينافي إثباته لواحد من أفراده فإنه مدفوع بنحو ما اختاره نجم الأئمة في دفع التناقض المتوهم في مثل ما قام القوم إلا زيدًا لوجوب شمو ل القوم المنفي عنهم الفعل لزيد المثبت هو له فيما يتبادر بأن يقال: إن الجنس الخارج عنه هذا الفرد منتف في ضمن كل ما عداه ولا لما قد يتوهم من عدم تناول الجنس المنفي لما هو بعد إلا وهو شرط الاستثناء لما عرفت من الفرق بين الجنس بدون اعتبار حصو له في الأفراد وبينه مع اعتبار عدم حصو له فيها بل لأنها لوكانت للاستثناء لما أفراد الكلام التوحيد لأنه يكون حاصله حينئذٍ أن هذا الجنس على تقدير عدم دخول هذا الفرد فيه منتف فيفهم منه عدم انتفائه في أفراد غير خارج عنها ذلك الفرد فأين التوحيد. فالواجب حملها على معنى غير وجعلها تابعة لمحل اسم لابدلًا عنه أو صفة كما في قوله:
وكل أخ مفارقه أخوه ** لعمر أبيك إلا الفرقدان

كذا رأيته في بعض نسخ قديمة وذكره بعض شيوخ مشايخنا العلامة الطبقجلي في رسالته شرح الكلمة الطيبة ولم يتعقبه بشيء. وعندي أن ما ذكر في نفي كون إلا للإستثناء على ذلك التقدير لا يخلوعن نظر. ثم إنه قيل: إذا كان مضمون المركب على ذلك التقدير أن هذا الجنس منتف فيما عدا هذا الفرد كانت القضية شخصية ولها لازم هو قضية كلية أعني قولنا كل ما يعتبر فردًا له سوى هذا الفرد فهو منتف ولا استبعاد في شيء من ذلك.
وذهب الكثير إلى تقدير الخبر موجود وأجاب عن الإشكال بأنه يلزم نفي الإمكان العام من جانب الوجود عن الالهة غير الله تعالى وذلك مبني على مقدمة قطعية معلومة للعقلاء هي أن المعبود بالحق لا يكون إلاواجب الوجود فيصير المعني لا معبود بحق موجود إلا الله وإذا ليس موجودًا ليس ممكنًا لأنه لوكان ممكنًا لكان واجبًا بناء على المقدمة القطعية فيكون موجودًا. وقد أفادت الكلمة الطيبة أنه ليس بموجود فليس بممكن لأن نفي اللازم يدل على نفي الملزوم.
واعترض بأن المقدمة القطعية وإن كانت صحيحة في نفس الأمر لكنها غير مسلمة عند المشركين لأنهم يعبدون الأصنام ويعتقدونها الهة مع اعترافهم بأنها ممكنة محتاجة إلى الصانع {ولئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السموات والأرض لَيَقولنَّ الله} [لقمان: 25] فيمكن أن يعترف المكلف بالكلمة الطيبة ويعتقد أن نفي الوجود لا يستلزم نفي الإمكان فيمكن عنده وجود الهة غير الله فلا يكون التلفظ بالكلمة نصًا على إيمانه ولوكانت المقدمة المذكورة مسلمة عند الكل لأمكن أن يقدر الخبر من أول الأمر موجود بالذات أي لا إله موجود بالذات إلا الله وإذا لم يكن غيره تعالى موجودًا بالذات لم يكن مستحقًا للعبادة لأن المستحق لها لا يكون إلا واجبًا لذاته.
وقد قرر الجواب بوجهين آخرين:
الأول: أن لا إله موجود قضية سالبة حملية لابد لها من جهة وهي الإمكان العام فيكون المعنى أن الجانب المخالف للسلب وهو إثبات الوجود ليس ضروريًا للالهة إلا الله تعالى فإنه موجود بالإمكان العام أي جانب السلب ليس ضروريًا له تعالى فيكون الوجود ضروريًا له سبحانه تحقيقًا للتناقض بين المستثنى والمستثنى منه.
الثاني: أن لا إله موجود بالإمكان العام سالبة كلية ممكنة عامة فيكون المتحصل بالاستثناء الذي هو نقيض موجبة جزئية ضرورية أي الله موجود بالضرورة.
وأورد على التقريرين أنهما إنما يتمان إذا كان كل من طرفي المستثنى والمستثنى منه قضية مستقلة وهو ممنوع.
والصحيح عند أهل العربية أنهما كلام واحد مقيد بالاستثناء فلا يجري فيهما أحكام التناقض إلا أن يؤول بالمعنى اللغوي. وأيضًا جعل الله موجود بالضرورة قضية جزئية فيه تساهل. وقيل: يمكن أن يقال الخبر المقدر هو الموجود مطلقًا سواء كان بالفعل أوبالإمكان على استعمال المشترك في كلا معنييه أو على تأويله بما يطلق عليه اسم الموجود وهو كما ترى. وقيل: يجوز تقديره ممكن ونفي الإمكان يستلزم نفي الوجود لأن الاله واجب الوجود وإمكان اتصاف شيء بوجوب الوجود يستلزم اتصافه بالفعل بالضرورة فإذا استفيد من الكلمة الطيبة إمكانه يستفاد منه وجوده أيضًا إذ كل ما لم يوجد يستحيل أن يكون واجب الوجود. ويعلم ما فيه مما مر فلا تغفل. وقال بعضهم: الخبر المقدر مستحق للعبادة. فالمعنى لا إله مستحق للعبادة إلا الله. ولا محذور فيه.
واعترض بأن هذا كون خاص ولا بد في حذفه من قرينة ولا قرينة فلا يصح الحذف.
وأجيب بأنها كنار على علم لأن الاله بمعنى المعبود فدل على العبادة واستحقاقها. ويؤيده ملاحظة المقام واعتبار حال المخاطبين لأن هذه الكلمة الطيبة واردة لرد اعتقاد المشركين الزاعمين أن الأصنام تستحق العبادة.
واعترض أيضًا بأنه لا يدل على نفي التعدد مطلقًا أي لا بالإمكان ولا بالفعل لجواز وجود إله غيره سبحانه لا يستحق العبادة. وأيضًا يمكن أن يقال: المراد إما نفي إله مستحق للعبادة غيره تعالى بالفعل أوبالإمكان فعلى الأول لا ينفي إمكان إله مستحق للعبادة أيضًا غيره عز وجل وعلى الثاني لا يدل على استحقاقه تعالى للعبادة بالفعل.
ورد بأن وجوب الوجود مبدأ جميع الكمالات ولذا فرعوا عليه كثيرًا منها فلا ريب أنه يوجب استحقاق التعظيم والتبجيل. ولا معنى لاستحقاق العبادة إلا ذلك فإذا لم يستحق غيره تعالى العبادة لم يوجد واجب وجود غيره سبحانه وإلا لاستحق العبادة قطعًا. وإذا لم يوجد لم يكن ممكنًا أيضًا فثبت أن نفي استحقاق العبادة يستلزم نفي التعدد جزمًا.
وتعقب بأن فيه البناء على أن الاله لا يكون إلا واحب الوجود. وقد سمعت أنها وإن كانت قطعية الصدق في نفس الأمر إلا أنها غير مسلمة عند المشركين.
ومن المحققين من قال: إنه لا يلتفت إلى عدم تسليمهم لمكابرتهم ما عسى أن يكون بديهيًا.